الفرق بين الحزن والاكتئاب فى الطب النفسى

عندما يتعرض الفرد لحالة من الاكتئاب النفسي تتغير كل امور حياته وتعتبر الحياة - في ظل الاكتئاب - جحيما لا يطاق حيث تتعطل طاقة الشخص العقلية والعضلية فلا يتمكن الفرد من القيام بما يقوم به الآخرون من نشاطات يومية: العمل ، تناول الطعام ، الخلود الي الراحة والنوم ، المرح واللعب ... وقد ذكرت منظمة الصحة العالمية في كتابها (الاضطرابات الاكتئابية في الثقافات المختلفة) في دراسة مسحية للاكتئاب الذي يمكن تيميزه سريرياً . كذلك جاء في الدليل التشخيصي والاحصائى (DSM.111) (Diagnostic) Statistical Manual لجمعية الطب النفسي الامريكية : ان ما نسبته 18%الي 23% من الاناث البالغات و8% الي 11% من الذكور البالغين من مجموع السكان قد تعرضوا للاصابة باضطراب الاكتئاب الاساسي في فترات مختلفة من حياتهم وان 6% من الاناث و3% من الذكور كانت اصابتهم خطيرة بحيث استوجبت ايداعهم مستشفيات الصحة العقلية . ويعد الاكتئاب النفسي واحدا من الامراض الشائعة في المجتمع الانساني وتقدر نسبة الاصابة ب1:20% في المجتمع سنويا اما نسبة الاصابة لدي النساء الي الرجال فهي 2:1 كما اظهرت منظمة الصحة العالمية ولحسن الحظ فان هناك حالياً علاجات ناجعة لهذا المرض تجعل الناحية المزاجية في حالة من التوازن لتساعد الشخص علي ان يستعيد صحته ويستمر في حياة مستقرة ومتوازنة. ويمكن القول بان كل انسان في وقت مامن حياته يصاب بالاكتئاب النفسي ، وليبس بالضرورة ان تكون حالته من الشدة بحيث يحاول الانتحار ، ولكنه علي اية حال قد ذاق مرارة الاكتئاب النفسي .. وربما لا يوجد شخص واحد قد استطاع ان ينجو من هذه المشكلة.
تعريف الاكتئاب:
في البدء لابد من الاشارة الي ان الاكتئاب كواحد من الاضطرابات الوجدانية يختلف وبشكل واضح عن حالات الضيق التي يعاني منها الناس من وقت لاخر .. ان الاحساس الوقتي بالحزن هو جزء من طبيعة الحياة التي نعيشها .. اما في مرض الاكتئاب فان الاحساس بالحزن لا يتناسب مطلقا مع اي موثر خارجي يتعرض له المريض . وهناك اشياء ومواقف في حياة كل منا من الممكن ان تسبب له بعض الحزن ولكن الافراد الاصحاء يتسطيعون التوافق مع مثل هذه المواقف بحيث لا تعوق مسيرة حياتهم .
يعد الشعور الحزن هو العرض الرئيسي للاكتئاب . ولكن الحزن ليس دائما هو العرض الاساسي في الشخص المكتئب وانما قد يكون الشعور بالخواء وعدم القيمة او عدم الاحساس نهائيا هو العرض الاساسي للاكتئاب ، وقد يشعر المريض المكتئب بالنقص الواضح والملموس في الشعور بالمتعة تجاه اي شئ حوله لدرحة الزهد في كل شئ في الحياة ، يقول لطفي الشربيني : وتحت وطأة هذه الحالة يعاني الشخص من شعور قوي بالانحطاط النفسي والبدني وعدم القدرة علي الاستمتاع بالحياة وتكون القاعدة العامة في هذه الحالة - كما يذكر علماء النفس - هي فرط الهبوط في الهمة والتباطوء في كل شئ وهذه القاعدة تنطبق - تقريبا - علي كل مرضي الاكتئاب النفسي .
وتجدر الاشارة هنا الي انه قد تكون هناك اوجه شبه كثيرة بين الحزن واعراض الاكتئاب لدرجة ان الشخص العادي لا يمكنه التفريق بينهما ، غير ان الاختلاف بين الاثنين يكمن في الدرجة اي ان اعراض الاكتئاب النفسي تظهر بشكل اعمق واشد حدة بينما تظهر بدرجة اخف واقل حدة في حالة الحزن العادي .
وجهة نظر الاطباء النفسيين :
فانهم ينظروا الي المريض المكتئب بانه الشخص الذي يعاني من تغيير واضح وملموس في المزاج وفي قدرته علي الاحساس بذاته والعالم من حوله والاكتئاب كاضطراب وجداني يتراوح مابين النوع البسيط والنوع الشديد المزمن الذي قد يؤدي الي تهديد للحياة الفرد . ومن الشائع ان الاشخاص المصابون بالاكتئاب يعانون من اضطرابات جسمية كثيرة وتعرف هذه الاضطرابات بالاضطرابات (النفسجسمية) ويرجع ذلك الي ان تلك الاضطرابات الجسدية سببها الاساسي اضطراب نفسي ، ويشعر المريض في هذه الحالة ببعض الاعراض : الاجهاد ، الضعف الدوخه الخفقان ضيف التنفس وآلام الصدر ، صداع ، امساك ، الام البطن ...
والاكتئاب النفسي هو اعتلال نفسي خطير ، يعاني الشخص فيه فترات طويلة من الشعور بالحزن الشديد والمشاعر السلبية التي تعتري الفرد مما يجعله يفقد متعة الحياة ولذتها، وتسيطر علي الشخص جملة اعراض . عدم الاقبال علي الحياة ، والتعلق بالاشياء التي كان متعلقا بها في الماضي ، وتبدو عليه مظاهر الانسحاب من المجتمع فلا يسطيع التواصل مع اصدقائه وزملائه ولا حتي افراد اسرته ، وكثيرا ما يقول المرضي الاكتئابيون في العيادات النفسية ، بانهم قد فقدوا لذة الحياة ومتعتها كذلك يقول بعضهم لم اعد استطيع ان استمتع باي شئ ولم يعد في مقدوري ان اضحك من كل قلبي نهائيا .
واذا نظرت الي مريض الاكتئاب النفسي في مراحله المتاخرة ( الاكتئاب الحاد) تجد ان الشعور قد انعدم لديه تماما حتي انه لا يستطيع يشعر بما حوله ، بل ان التعبير عن الحزن والاكتئاب لا يكون واضحا علي ملامح وجهه. وفي هذه الحال تكون مظاهر واعراض الاكتئاب الداخلي قد بلغت القمة وسيطرت علي جميع حواس المريض ومشاعره ، فلا يتمكن من التعبير عن ما يشعر به من الام تعتصره اعتصاراًحيث تبدو الحياة - للمريض - كلها ظلام . وقد يصل المريض الي حالة يصبح فيها كالتمثال فلا يستجيب لكل ما حوله من مظاهر الحياة . ولا يعني هذا ان المريض قد فقد الاحاسيس او المشاعر ولكن الشعور بالحزن والكآبة التي بداخله قد ملأته وملكت عليه كل جوانحه ، مما جعله في هذا الوضع السيئ وينجم كل ذلك عن اسوار العزلة التي يضربها المريض من حوله ويطوق بها نفسه مما يجعله يعاني من قائمة لاحصر لها من الاعراض والمظاهر الإكتئابية

مشكورة لمرورك
اختى هالة

شكرا فاطيما يسلموا ايديكي